يبدأ الكاتب طارق باي مقاله المنشور في صحيفة الأناضول بالإشارة إلى تقرير لجنة الأمم المتحدة المستقلة عام 2019، الذي وصف غزة بأنها على حافة انهيار إنساني واقتصادي، فيما هذا الواقع لم يتغير عام 2025. إسرائيل، التي تُسيطر منذ 2007 على دخول وخروج غزة، تحول القطاع إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، خاصة بعد تدمير نظم المياه التي جعلت 97% من مصادرها غير صالحة للشرب، وفق تقارير الأمم المتحدة وأوكسفام.

يتعرض الشعب الفلسطيني منذ عام 2023 لحملة إبادة، شرسها الحصار الذي أعلنه وزير الدفاع يوآف جالانت حين قال “لا كهرباء، لا طعام، لا وقود”، ووصف سكان غزة بأنهم "حيوانات بشرية". هذه السياسة، في ظل القصف غير المسبوق، حولت القطاع إلى أسوأ أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين.

على الرغم من جهود الأمم المتحدة، التي أصدرت 11 قرارًا من مختلف غرفها تدعو خلالها إسرائيل إلى السماح بإدخال المساعدات، أغلقت الأخيرة كل الطرق الإنسانية، وتعرض أكثر من 900 عامل إغاثة للقتل—رقم غير مسبوق في أي حرب معروفة.

بحلول مارس 2025، انتهى الأمر بسياسة الحصار إلى سياسة مفتوحة للتجويع، بعد أن علّق نتنياهو كل الإمدادات بما فيها الغذاء والماء. وفي مايو، أُطلق ما يسمى بـ "مؤسسة غزة الإنسانية"، برعاية إسرائيلية وأمريكية، لتكون القناة الوحيدة لدخول المساعدات. مديريها، بما فيهم جنرال إسرائيلي وضباط أميركيين، جعلوها هيئة ذات طابع سياسي–عسكري أكثر من إنساني، وقد موّلها ترامب بحوالي 35 مليون دولار.

يحذر الكاتب من أن هذه المؤسسة لا توزّع المساعدات، بل تخنق المدنيين عمليًا، إذ حُولت من ألفي نقطة توزيع إلى أربع نقاط محصورة، ولا تصل إلى الشمال المكتظ بالسكان سوى شاحنة واحدة فقط—أقل من 5% من الحاجة اليومية التي تبلغ 600 شاحنة. وبحسب لجنة الفقر الدولية، دخل القطاع منذ يوليو في مرحلة الجوع المُجاهر، ويواجه أكثر من 700 ألف شخص خطر مواده القاسية.

وصفت الأمم المتحدة، وعلى لسان مفوض الأونروا فيليبي لازاريني، وصفت المؤسسة بأنها "ذريعة للتجويع المنظم لغزة"، فيما اعتبر متحدث الأوتشا أنها "تفترس الانتباه" عن الجريمة الحقيقية. تصريح نتنياهو الكاشف جاء في صحيفة معاريف، إذ ربط المساعدات بترحيل السكان ومنع عودتهم، مؤكدًا: "من يذهب من غزة لن يعود، وسنسيطر على المكان. لا هدف آخر للحرب سوى هذا".

في خلاصة مؤلمة: مؤسسة غزة الإنسانية ليست مؤسسة إنسانية، بل أداة لدفن المدنيين، بتجويع ممنهج وتدمير متعمد للمعونات. إنه مذبحة ترتدي زي المساعدات.

 

https://www.aa.com.tr/en/opinion/opinion-slaughter-dressed-up-as-humanitarian-aid-so-called-gaza-humanitarian-foundation/3663410